القرآن لغة الروح وارتباطه بالذاكرة

 

[إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ (28)]

مقدمة

إن القرآن الكريم رسالة إلهية جليلة أنزله الله لينتفع به جميع البشر بغض النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي او اللغوي على عكس ما يزعمه بعض المستشرقين في كتبهم بان القرآن للمسلمين فقط. فالقرآن كتاب معجز يتسم بخصائص فريدة يمكن لجميع البشر الاستفادة منها سواء فهموا العربية او لم يفهموها وسواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين. وهذه حقيقة يمكن للفرد أن يتيقن منها شخصيًا. فعندما يقوم اي شخص بقراءة القرآن الكريم أو الاستماع إليه يحدث فيه تفاعل حيوي يتجسد في نفسه ويستشعره بكل وجوده.  ويعود السبب وراء هذا التفاعل بين البشر والقرآن إلى وجود عنصر مشترك بين الاثنين وهو الروح. فالروح كما هو معروف جزء من تركيب الإنسان وكذلك يُسَمَّى القرآن بالروح. كما قال تعالى:

“وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا”

لكي نفهم ماهية هذا التفاعل الحي مع القرآن وكيف ينتفع الإنسان منه يجب أن نشرح أولاً ما هي الروح لغة واصطلاحا.

معنى الروح لغة

الروح كلمة تذكر وتؤنث ولها معاني لغوية كثيرة ومنها الراحة والرحمة ونسيم الهواء والاتساع والنشاط والهمة والفرح والسرور

معنى الروح اصطلاحا

أما بالنسبة الى المعنى الاصطلاحي فقد ذُكِرَ مفهوم الروح في القرآن على نوعين:

النوع الأول هو  النَفْخُ في شيئ فيغير من طبيعته ليصبح شيئا آخر. ومثال ذلك هو النَفْخَة التي نفخها الله في آدم فاصبح مليئا بالحيوية والحياة بعد ان كان جامدا لا حراك فيه. ومثال آخر هو النفخة التي نُفخت في مريم ام عيسى عليه السلام فحملت من دون الاسباب المعتادة. لكن الله لم يعرفنا شيئا عن هذا النوع من الروح واكتفى بقوله أنه من أمره. يقول الله تعالى

“وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا”

والنوع الثاني من الروح هو كلام الله. يمكن أن يكون كلام الله كلمة واحدة، مثل كلمة “كُنْ” والتي كانت جزءًا من خلق آدم وعيسى عليهما السلام. أو يمكن أن يكون كلامًا كثيرا كما في الكتب المنزلة من عند الله مثل القرآن الكريم. وقد ارتبطت كلمة “الروح” ارتباطًا وثيقًا بكل ما يتعلق بكلام الله حتى ان الله سمى الملاك جبريل الذي كان مكلفًا بالوحي للنبي محمد بـ “الروح“.

وعلى عكس النوع الأول فقد اخبرنا الله الكثير من المعلومات حول النوع الثاني من الروح.  حيث حباه بمزايا كثيرة بعضها عامة والأخرى خاصة وجميعها تصب في مصلحة الانسان ولا غنى له عنها.

ما هي المزايا العامة والخاصة لكلام الله (القرآن) وما الفرق بينهما

المزايا العامة للقرآن هي تلك التي يمكن لجميع البشر أن يشعروا بها وينتفعوا بها سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين عربا أوعجما. وتتجلى هذه المزايا في خاصيتين أساسيتين: أنه قرآن يتلى وأنه ذكر للعالمين. اما بالنسبة الى المزايا الخاصة فهي تلك التي يمكن للمؤمنين فقط أن يشعروا بها وينتفعوا بها سواء كانوا عربا او عجما. وهذه المزايا كثيرة ومتنوعة ومنها الهدى والشفاء والرحمة. سيكون التركيز في هذه الدراسة القصيرة على الكشف عن المزايا العامة للقرآن فقط وسنترك مناقشة الصفات الخاصة لدراسات أخرى.

 ونبدأ بشرح مفصل عن المزايا العامة للقرآن ثم نوضح فائدتها للإنسان.

ما معنى قرآن يتلى

كلمة قرآن هي اسم مصدر من القراءة. والقراءة هي المصدر الصريح للفعل قرأ. وقد فرق بعض النحويون بين المصدر الصريح واسمه. فالمصدر الصريح عند من فرق بين الاثنين هو ما دل على الحدث مجرد من الزمان. بينما اسم المصدر لا يدل في الأصل على الحدث. بل هو لفظ يدل على معنى المصدر. وبهذا يكون مُسمى المصدر هو الحدث ومُسمى اسم المصدر هو لفظ المصدر نفسه. (1)

على سبيل المثال عندما نستخدم اسم المصدر “عَدْل” لنصف شخصا ما بدلا من استخدام المصدر الصريح “العدل” فإننا بذلك نريد ان نصور الشخص وكانه هو العدل ذاته شاخصا امامك. ومثال آخر عندما نقول فلان “صِدْق” فمعنى ذلك ان الصدق قد امتزج بالموصوف فلا ينحل عنه ابدا.

وبما ان كلمة القرآن اسم مصدر للقراءة فهذا يجعل من القرآن تجسيد حي لها. وهذه هي الحقيقة المشهودة على ارض الواقع. فالقرآن مقروء دائما في كل وقت وحين لأنه كلام الله الذي لا يَبلَى من كثرة القراءة بينما تبلى جميع الكتب الأخرى. وبمعنى آخر أنك تظل تشعر كلما عاودت قراءة القرآن وكأنك تقرأه اول مرة. وهذا الشعور لايَتَأتّى الا للقرآن. ومن هنا جاءت تسميته قرآنا فكان اسما على مسمى.

وفي الحقيقة انني لم أكن لأفطن الى الاعجاز في تسمية كتاب الله بالقرآن لولا اطلاعي على كتابات بعض المستشرقين والتي ينكرون فيها هذه الصفة الاعجازية للقرآن الكريم. وأعني هنا بالتحديد ما ورد في الكتاب المذكور في المرجع (2) والذي يستهجن فيه المؤلف ويستنكر تسمية القرآن قرآنا. فهذا الاسم في رأيه غير مطابق للواقع ولا يصلح لان يُعطى لكتاب مثل القرآن من شدة صعوبة قراءته واستحالة إعادة القراءة. يقول الكاتب بما معناه “لا أفهم كيف يدعي المسلمون انهم يمكنهم قراءة القرآن مرات ومرات كثيرة لدرجة ان بعضهم قد ادعى انه قد قرأه سبعين ألف مرة وانا بالكاد استطعت ان اُتِمَّ قراءته كاملا مرة واحدة فقط؟؟”.

وقبل ان نجيب على هذا الكلام لابد أولا ان ننبه ان المؤلف قد ذكر في نفس الكتاب ان ما قرأه هو ترجمة القرآن باللغة الإنجليزية وليس القرآن كما نزل. 

والان نرد على هذا المؤلف ومن يقول بقوله فنقول ان صعوبة القراءة التي انتابته اثناء قراءته لما يسمى بترجمة القرآن امر طبيعي جدا لان ترجمة القرآن كتاب من صنع البشر وكتب البشر عادة لا تُقرء الا بشق الانفس. وحتى أفضل الكتب محتوى وأجودها صياغة أدبية عادة ما نقرؤها مرة واحدة او بالكاد مرتين ثم نركنها جانبا فلا نعود اليها ابدا. فما بالك ان كان الكتاب عبارة عن ترجمة ركيكة سيئة.

اما لو ان المؤلف تعلم قراءة القرآن ثم قرأه كما اُنزل باللغة العربية لوجد قرآته سهلة سلسة خفيفة على النفس ولا استطاع ان يعاود القراءة مرارا وتكرارا في كل يوم وفي كل وقت وحين وربما أكثر من سبعين الف مرة على مدى طول حياته. وهذه الخاصية الاعجازية للقرآن يمكن لجميع البشر استشعارها والتيقن منها لأنفسهم ان تعلموا قراءة القرآن. وبعد التعلم فليقرأ من شاء من القرآن ما شاء ومتى شاء مرارا وتكرارا ليرى عدم ثقل ذلك على النفس وسهولته وانسيابه. والدليل على ذلك هو الواقع الذي نشهده امامنا. فملايين المسلمين على اختلاف السنتهم وثقافتهم واعمارهم يقرأون القرآن يوميا في صلاتهم وخارج الصلاة فلا يثقل ذلك عليهم ولا يتعبون من القراءة.

والقرآن ليس سهل القراءة فحسب بل انه الكتاب الوحيد في هذا الوجود الذي يمكن قراءته بدون فهم لمحتواه. جرب ان تقرأ كتابا لا تفهم لغته او تفهم فحواه فلن تستطيع ان تكمل جملة واحدة. وهذه الخاصية تجعل القرآن صالحا للقراءة من الجميع سواء كانوا كبارا او صغارا رجالا او نساء عرب او عجم متعلمين ام غير متعلمين. وما نشهده على ارض الواقع يثبت لنا هذه الخاصية للقرآن. فأكثر العجم من المسلمين يقرؤون القرآن دون فهم لمعاني الآيات ولا لمغزاها. وأهل العربية من المسلمين وان فهموا معاني آياته قلما يفقهون المغزى منها لذلك يحتاجون الى كتب التفسير. ومع ذلك لا تثقل على المسلمين تلاوة القرآن بالرغم من عدم الفهم العقلي.

ضرورية القراءة لصحة الذاكرة

ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو ماهي المنافع التي يجنيها الانسان من هذه الصفة للقرآن في كونه سهل القراءة سواء بفهم او بغير فهم وانه لا يبلى من كثرة القراءة. نقول ان المنفعة الرئيسية لهذه الصفة تصب في صالح الذاكرة. فعملية القراءة أمر ضروري لسلامة الذاكرة كما هي التمارين الرياضية لصحة الانسان البدنية. فالقراءة تقوم على تحسين الأداء الوظيفي للذاكرة بتحفيز الدماغ وتمرينه. كما انها تعمل على تسريع عملية تكوين خلايا عصبية جديدة مما يساعد الذاكرة على التذكر وخاصة الذاكرة الطويلة الأمد. وقد أظهرت الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية المعتمدة مدى أهمية عملية القراءة لصحة الذاكرة خاصة في منع امراض الذاكرة مثل الخرف وضعف الذاكرة.

لكن مزاولة القراءة ليست بالعملية السهلة بسبب الكثير من الآفات التي تعيقها. فمن تلك الآفات ضرورة فهم محتوى الكتب كي نتمكن من قراءتها. وهذا يجعلها صالحة للقراءة من قبل أناس معينين فحسب. والأهم من ذلك كله انه حتى وان كان الكتاب مفهوما للقارئ فانه يَبْلي بعد اول قراءة له او ربما بعض المرات ليتم ركنه جانبا فلا نعود اليه مرة أخرى. وهذا يعني البحث عن كتاب آخر لقراءته وهكذا دواليك.

وجميع آفات القراءة السابق ذكرها لا تنطبق على القرآن بسبب صفته الاعجازية بانه قرآن. فالقرآن هو الكتاب الوحيد في هذا الوجود الذي يستطيع الجميع قراءته سواء كانوا صغارا او كبارا نساءً او رجالا متعلمين او اميين سواء بفهم للمحتوى او بغير فهم. والقرآن ايضا مادة قراءة لا تنضب ولا تنتهي صلاحيتها أبدا مما يسمح بمعاودة القراءة مرارا وتكرارا في كل وقت وحين. هذا بالإضافة الى انه مادة مجانية لا تكلف الشخص أي مال. وبهذا يُمَكِّننا القرآن من المداومة على القراءة وبالتالي المحافظة على صحة الذاكرة بدون كلفة ولا تَكَلُفٍ.

صفة القرآن بانه ذكر

بالنسبة للمزية العامة الثانية للقرآن فهي انه ذكر للعالمين. فماذا يعني ذلك.

نبدأ بتعريف الذكر لغة: الذِّكْر اسم مصدر من التَّذَكُّر والتَّذكير. والتَّذَكُّر والتَّذكير هما المصدر الصريح من الفعل ذَكَّر وتَذَكَّرَ. اذا القرآن هو تجسيد فعلي لعملية التذكر والتذكير كما هو تجسيد حقيقي لعملية القراءة. وتتجلى خاصية الذكر للقرآن في جوانب عدة كالاتي:

 أولا: ان الله جعل القرآن سهل التذكر والحفظ في الصدور على جميع الناس كما هو سهل القراءة من السطور. قال تعالى.

“وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر”ٍ

ومن سهولة حفظه انه الكتاب الوحيد الذي يمكن حفظه كاملا عن ظهر قلب عكس الكتب السماوية الأخرى مثل التوراة. ورد في الأثر انه لم يحفظ التوراة كاملة الا اربع موسى وعيسى والعزير ويوشع. (3)

ثانيا: ان القرآن سهل الاستدعاء من الذاكرة الطويلة الأمد الى الذاكرة الأولية والتي سرعان ما يتفلت منها.  لهذا فالقرآن يحتاج الى استمرارية تعهد ان اردناه ان يبقى متواجدا في الذاكرة الأولية. قال الرسول في الحديث:

 «تعاهدوا هَذَا القُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإبلِ فِي عُقُلِهَا»

وأخيرا وليس آخرا يتجلى اعجاز القرآن في كونه ذكر انه يثير الذاكرة العاطفية للإنسان فيذرف بسببه الدموع. ولقد ذكر الله في آيات عدة تأثير القرآن في تحفيز البكاء فقال:

إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا

وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا

أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ () وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ

وجميع تلك الجوانب لصفة الذكر يمكن لاي فرد ان يتيقن منها ويستشعرها. فما على الشخص الا ان يحفظ ما أراد من القرآن ليرى سهولة ذلك ويسره. والدليل على ذلك هو الواقع المشهود. فمن المعروف للجميع ان هناك ملايين المسلمين ممن يحفظون القرآن عن ظهر قلب كله او بعضا منه سواء كانوا صغارا او كبارا عربا او عجما متعلمين او اميين.

والسؤال الذي يفرض نفسه هو ما هي الفائدة التي يجنيها الانسان من تلك الجوانب لصفة الذكر للقرآن. والجواب كما في السطور التالية.

أهمية التذكر الدلالي والعاطفي

الذاكرة هي آلة التذكر كما العين آلة النظر وكما الاذن آلة السمع. لذلك فالذاكرة التي لا تستطيع التذكر هي ذاكرة مريضة مثل العين التي لا ترى والاذن التي لا تسمع. وتعتبر عملية التذكر بنوعيه الدلالي والعاطفي من المهام الوظيفية لذاكرة الانسان. تشير الذاكرة الدلالية إلى المعارف العامة المتراكمة طوال حياتنا. اما الذاكرة العاطفية فإنها تُستخدم للإشارة إلى ذاكرة التجارب التي تثير ردود فعل عاطفية.

هناك الكثير من الامراض التي قد تصيب ذاكرة الانسان فتفقده القدرة على التذكر. يعتبر مرض الفصام (schizophrenia) من أكثر أنواع امراض الذاكرة شيوعا حيث تم تصنيفه كنوع من أنواع الجنون. وهو مرض يفقد فيه المريض القدرة على التذكر الدلالي. وقد أظهرت الدراسات المعنية بمرضى الفصام وجود قصور واضح لدي المريض في القدرة على استدعاء الذكريات من الذاكرة. (4) ويرجع السبب وراء فقدان القدرة على التذكر الدلالي الى الهلوسات السمعية والمرئية المستمرة التي يعاني منها المريض. تقول خبيرة في هذا المجال وهي أيضا من أولئك الذين يعانون من هذا المرض ان الاستمرارية في الهلوسة التي تسيطر على المريض في جميع الأوقات تفقده الشعور بمرور الوقت كالنائم تماما. وهذا بدوره يؤثر على الذاكرة ويجردها من القدرة على التذكر.

والقرآن في كونه ذكر للعالمين هو السبيل الأمثل للحد من هذه الامراض بسبب خصائص الذكر التي وضعها الله فيه والتي ذكرناها انفا. فالقرآن يوفر للإنسان مادة تذكر سهلة تُمكّن الذاكرة من أداء وظيفتها الأساسية وهي التذكر. بالإضافة الى ذلك فان الخاصية التي يتمتع بها القرآن في انه لا يمكث طويلا في الذاكرة الأولية تشجع الشخص وتدفعه دفعا حثيثا الى مواصلة تعهده دوما مما يضمن بقاء الذاكرة الأولية مشغولة بالتذكر واستدعاء المعلومات فلا تنفك تقوم بعملها. وهكذا يوفر القرآن للذاكرة مادة تذكر لا تنضب تضمن لها استمرارية التذكر وبالتالي المحافظة عليها من الامراض التي تمنعها من التذكر.

ليس هذا فحسب بل ان فوائد الذكر تمتد لتلامس ذاكرة الانسان العاطفية. فالقرآن أيضا يحفز التذكر العاطفي للإنسان ويدفعه الى البكاء. (5) وهذا البكاء الذي يستحثه القرآن من أكثر أنواع البكاء فائدة للإنسان حيث اكتشف العلماء مؤخرا ان البكاء الناتج عن عملية التذكر العاطفي (مقارنة بالبكاء الانعكاسي او الآلي الناتج عن الم في الجسم او تهيج في العين) يفرز كميات أكبر من هرمونات الضغط المسؤولة عن اجهاد الدماغ وخاصة ما يعرف بمنطقة التذكر والتعلم. فكلما زاد الضغط والاجهاد على تلك المنطقة كلما أدى ذلك الى تدهور الذاكرة التدريجي والتسبب بأمراض الذاكرة والامراض العقلية (6). وإذا اردت ان تعرف مدى صعوبة تحفيز البكاء العاطفي الناتج عن التذكر ما عليك الا قراءة الكتاب في المرجع (7) الذي يتحدث عن تجارب تظهر تأثير البكاء العاطفي واهميته لصحة الذاكرة.

الملخص

باختصار ذكرنا ان القرآن كتاب انزله الله للناس جميعا وليس فقط للمؤمنين او العرب. وهذه حقيقة يمكن التأكد منها شخصيا من خلال التفاعل الحي الذي يحدث داخل الانسان ويستشعره عندما يقرا القرآن او يستمع لقراءته. وذكرنا أيضا ان سبب هذا التفاعل بين البشر والقرآن يعود الى وجود عامل مشترك بينهما وهو الروح. فالإنسان يمتلك روحا والقرآن كيان روحي.

كما ذكرنا ان هذا التفاعل له فوائد عديدة كثيرة للبشر ويمكن تقسيمه الى نوعين: تفاعل عام وخاص. التفاعل العام يشير الى مزايا القرآن التي يمكن ان يشعر بها ويستفيد منها كل انسان حي سواء كان مؤمنا او غير مؤمن. وتتجلى تلك المزايا في حقيقة ان القرآن يتلى آناء الليل واطراف النهار وانه ذكر للعالمين. اما التفاعل الخاص فهو يشير الى خصائص القرآن التي يمكن ان يشعر بها وينتفع منها فقط المؤمنون برسالة الإسلام مثل الشفاء والرحمة. وكان التركيز في هذه الدراسة فقط على المزايا العامة.

 وقد اوضحنا بإسهاب معنى ان القرآن يتلى اناء الليل وأطراف النهار. ويعني ذلك مجملا انه كتاب لا يَبْلَى من كثرة القراءة بينما تبلى جميع الكتب الأخرى. كما يعني أيضا انه سهل القراءة لمن تعلم تلاوته الى درجة يمكن قراءته دون فهم لمحتواه على عكس الكتب الأخرى التي يصنعها البشر. وشرحنا أيضا معنى الذكر وهو ان الله جعل القرآن سهل الحفظ عن ظهر قلب وسهل الاستدعاء من الذاكرة سواء كان ذلك كلا او جزأ منه. ومن خصائص صفة الذكر كذلك ان القرآن يحرك الذاكرة العاطفية للإنسان عند تلاوته او سماعه مما يستحث البكاء وذرف الدموع.

ثم قدمنا شرحا مفصلا عن أهمية الخصائص العامة لصحة الذاكرة والتي تبين كيف انه لا يمكن المحافظة على الذاكرة من الامراض التي تفتك بها بدون قراءة مستمرة وتذكر دائم. وبهذا يكون القرآن هو المصدر الذي الوحيد الذي يوفر للانسان مادة قراءة وتذكر سهلة و سلسلة لا تنضب ابدا مما يضمن للانسان صحة ذاكرته بدون أي تكلفة مادية او جهد بدني. فالقرآن كما ذكرنا روح من نفس جنس روح الانسان فكان مثل هذا التآلف والتجانس والانسياب بين الانسان والقرآن شيئ طبيعي لا شبهة فيه.

المراجع والمصادر العربية والاعجمية                                                               

القرآن الكريم

الحديث الشريف

١- حنان حسن محمود سالم. اسم المصدر: المصطلح والدلالة. يرجي البحث في محرك البحث جوجل للاطلاع على الرسالة كاملة.

2- On Heroes, Hero-Worship, and the Heroic in History by Thomas Carlyle.

3- https://www.youtube.com/watch?v=H_x76vVxwBY لم يحفظ التوراة كاملة الا اربع للشيخ الشعراوي

(4) Memory and Psychosis. 2014. Ann Olson,  The effects of auditory hallucinations on the processes involved in memory https://caps.ucsc.edu/resources/psychosis.html

(5) Why Does Emotion Connect With Memory? 2022. https://www.northstartransitions.com/post/why-does-emotion-connect-with-memory

(6) Is Crying Good for You? By Serusha Govender. https://www.webmd.com/balance/features/is-crying-good-for-you)

(7) Importance of shedding tears for the overall health of the humans and the different types of tears in this book: Crying: The Mystery of Tears. by William H. Frey. 1985